العبارة الشهيرة “لقد قاتلتم مثل الأسود، ولكن تم قيادتكم مثل الحمير” تُنسب بالفعل إلى الجنرال الألماني ماكس هوفمان، الذي كان مسؤولًا في الجبهة الشرقية خلال الحرب العالمية الأولى. ورغم أنه جنرال ألماني، فإن انتقاده كان موجّهًا إلى البريطانيين بسبب ملاحظاته على أسلوب القيادة العسكرية البريطانية في الجبهة الغربية.
من وجهة نظر هوفمان، كان الجنود البريطانيون شجعانًا ويقاتلون بقوة، لكن المشكلة كانت في قيادتهم التي اتخذت قرارات سيئة تسببت في خسائر بشرية ضخمة دون تحقيق تقدم يذكر. هذه العبارة تعكس رؤيته الخاصة للأحداث على الجبهة الغربية، على الرغم من أنه لم يكن مشرفًا مباشرة على المعارك هناك.
يأتي هذا الانتقاد من هوفمان كنوع من السخرية من الأداء البريطاني في المعارك الكبرى مثل معركة السوم ومعركة باشنديل، حيث كانت التكتيكات البريطانية، بقيادة الجنرال دوغلاس هايغ، تعتمد بشكل كبير على الهجمات الأمامية رغم التحصينات الألمانية القوية، ما أدى إلى خسائر هائلة بين الجنود البريطانيين.
لم تكن العبارة مجرد تعليق عابر، بل أصبحت رمزًا للتعبير عن الفجوة بين الشجاعة الفردية للجنود وسوء القيادة. لقد استخدمها المؤرخون والمفكرون لانتقاد القرارات العسكرية التي تسببت في إهدار أرواح الآلاف، وأصبحت درسًا في أهمية القيادة الحكيمة في إدارة الأزمات.
ويُنسب إلى إرفين روميل، القائد العسكري الألماني الشهير في الحرب العالمية الثانية، استخدام عبارة مشابهة في إشارة إلى الجنود. يُقال إن روميل استخدم عبارة “لقد قاتلتم كالأسود، ولكن تم قيادتكم كالحمير”، وذلك للتعبير عن استيائه من القيادة العليا للجيش الألماني خلال الحملات العسكرية في شمال إفريقيا.
روميل، الذي كان يُلقب بـ”ثعلب الصحراء”، قاد الفيلق الأفريقي الألماني في حملة شمال إفريقيا، وحقق نجاحات بارزة في البداية ضد القوات البريطانية وحلفائها. لكن مع مرور الوقت، وخاصة في معارك مثل العلمين الثانية (1942)، بدأت القوات الألمانية تواجه صعوبات متزايدة بسبب نقص الإمدادات والتوجيهات الاستراتيجية غير الملائمة من القيادة العليا في برلين.
روميل كان معروفًا بإعجابه بجنوده وقدرتهم على القتال في ظروف قاسية للغاية، خصوصًا في بيئة صحراوية شديدة الحرارة مع نقص المعدات والذخيرة. ومع ذلك، كان محبطًا بسبب الأوامر التي تأتي من القيادة العليا في ألمانيا، وخاصة من أدولف هتلر، الذي كان يتدخل بشكل مباشر في إدارة العمليات العسكرية، وغالبًا ما أصدر أوامر غير واقعية أو غير مناسبة للوضع على الأرض.
في هذا السياق، استخدم روميل هذه العبارة ليعبر عن أن جنوده أظهروا شجاعة استثنائية في مواجهة التحديات، ولكنهم كانوا يعانون من قرارات القيادة غير الحكيمة، التي جعلت من الصعب عليهم تحقيق النصر في النهاية.
ويمكن ان ترتبط المقولة بعدة مجالات أخرى غير العسكرية، إذ تعبر بشكل عام عن الفجوة بين الجهد الكبير أو الكفاءة الفردية من جهة، وسوء التوجيه أو القيادة غير الفعّالة من جهة أخرى.