المستقبل دائمًا يعيد تأكيد الحكمة التي قالها الشيخ حسني الكفيف، حين خاطب عم مجاهد بعد وفاته: “المشكلة مش في البيت يا عم مجاهد، المشكلة هى مشكلة الناس اليه عايشة، ولازم تعيش.”
إن القيود التي يفرضها مجتمع مريض على الأفراد، سواء كانت ذات طابع طبقي أو عنصري أو قمعي، أثبتت عبر الزمن فشلها الذريع. فكل من يسعى إلى تطبيقها إنما يعيد تكرار نفس الأخطاء التي تستوجب التصحيح لمنع نشوء صراعات جديدة.
يثبت نظام الكون الإلهي أن الحياة لم تُخلق لتكون حكرًا على الملائكة أو الشياطين وحدهم، بل لتجمع بين الطرفين في تناغم. ولهذا، فإن أي سلطة جائرة تدّعي الحكمة، سواء كانت مؤسسة علمية أو دينية، ما هي إلا كيان يعاني من قصور في الرؤية، إذ يعجز عن إدراك البعد الأعمق للأمور، البعد الذي يمكن رؤيته من منظور إلهي أشمل.
فالله، رغم تعامله مع إبليس نفسه، لم يكن غاشمًا بل حكيمًا، وهي صفة نادرًا ما نجدها في حاكم يستبد بالسلطة أو شيخ يفرض وصايته على الدين. الحكمة الحقيقية تكمن في التغيرات التي يكشفها الزمن، حيث تتجلى عدالة الله في تصحيح المسارات، حتى لو عجز البشر عن رؤيتها في لحظتها.