في قلب كتاب “التخلف الاجتماعي وسيكولوجية الإنسان المقهور”، ينبض الألم الذي يعصف بروح الإنسان المقهور، ذاك الذي سُلبت منه كرامته وطمست هويته تحت وطأة مجتمع يمارس الاعتباط بلا رحمة. مجتمعٌ يرى فيه شخصًا عبيطًا، يسهل استعباطه والتلاعب به كدمية بلا إرادة أو صوت.
تخيل إنسانًا تحاصره نظرات الاستهزاء والسخرية أينما توجه، تُكبل أحلامه بسلاسل من الجهل والتجاهل. يُعامل كأنه لا يفهم، لا يشعر، وكأن قلبه لا ينبض بالحياة. كل خطوة يخطوها مُثقلة بثقل الظلم والقهر، كل كلمة يسمعها تُحفر في روحه جرحًا لا يلتئم.
المجتمع الذي يجب أن يكون حضنًا دافئًا، يتحول إلى سجنٍ باردٍ جدرانه الاعتباط والقسوة. يُسلب منه حقه في التعبير، في الاختيار، في أن يكون إنسانًا كامل الحقوق. يُنظر إليه نظرة دونية، وكأنه كائنٌ ناقصٌ لا يستحق الاحترام أو التقدير.
في أعماق نفسه، يصرخ بصمتٍ يمزق الصمت، يتساءل: لماذا؟ لماذا يُعامل هكذا؟ لماذا يُحكم عليه بأن يكون عبيطًا في أعينهم؟ دموعه تنهمر في ظلام الليالي، لا يراها أحد، لا يسمع أنينه أحد. كل ما يريده هو فرصة ليُثبت أنه أكثر من الصورة النمطية التي رسموها له، أنه يملك عقلًا وقلبًا وروحًا تستحق الحياة.
هذا الإنسان المقهور، هو ضحية مجتمعٍ قاسٍ أعمته الأحكام المسبقة والجهل. مجتمعٌ يرفض أن يرى النور في عينيه، الأمل في قلبه، والقوة في روحه. يظل محاصرًا بين جدران الاعتباط، يبحث عن مخرج، عن بصيص أملٍ يُعيد إليه إنسانيته المسلوبة.
كم هو مؤلمٌ أن يعيش الإنسان غريبًا في مجتمعه، أن يُعامل كعبيطٍ يمكن استعباطه وتسييره كما يشاءون. إنها مأساةٌ تنزف من قلب الإنسانية، نداءٌ إلى الضمير ليستيقظ، ليرى المعاناة ويعمل على إنهائها. لعل يومًا ما، يُكسر قيد القهر، ويُسمح للإنسان المقهور أن يحلق في سماء الحرية والكرامة.